في أي علاقة، سواء كانت رومانسية أو صداقة أو عائلية، تعد الحدود هي أساس صحة العلاقة، فهي تحدد ما هو مقبول وما هو غير مقبول لكل من الطرفين، وتحمي كلا الطرفين من الإساءة أو الاستغلال، وبالأخص في العلاقة الزوجية تعد الحدود مهمة للحفاظ على الاحترام والراحة والاستقلالية لكلا الزوجين، فعندما يكون لدى الزوجين حدود واضحة، فإنهما يشعران بالأمان والقدرة على التعبير عن أنفسهم دون خوف من التعرض للهجوم أو الرفض.

ما هي الحدود في حياة الزوجين؟

الحدود في حياة الزوجين هي مثل جدران المنزل التي تحمي الأسرة من التدخلات الخارجية، وتحافظ على خصوصية، ومساحة كل شخص.

فعندما يتزوج شخصان، فإنهما يشكلان أسرة جديدة، ولكن هذا لا يعني أنه يجب أن يصبحا شخصًا واحدًا، فلكل من الزوجين حياته، واحتياجاته، ورغباته الخاصة، ومن المهم أن يحترم كل منهما خصوصية الآخر وهذا ما يسمى بالحدود.

الحدود تحمى الزوجين من التطفل، والانتهاك، وتساعدهم في المحافظة على احترام الذات، والشعور بالراحة، فعندما يكون لكل من الزوجين حدود واضحة، فإن ذلك يخلق شعورًا بالثقة والتفاهم في العلاقة الزوجية.

أهمية الحدود في الحياة الزوجية

وضوح الحدود في العلاقة الزوجية هو أشبه ما يكون بخارطة الطريق التي تساعد الزوجين على معرفة ما يتوقعونه من بعضهم البعض، وتجنبهم الوقوع في المشكلات، والخلافات، وللحدود في الحياة الزوجية أهميات أخرى تتمثل في أنها:

  • تساعد على منع التطفل والسيطرة، فعندما يكون لكل من الزوجين حدود واضحة يصبح لدى كلٍ منهما شعور بالأمان، والراحة في التعبير عن نفسه دون خوف من التدخل أو التحكم من الشريك، وهذا بدوره يمكن أن يساعد في بناء الثقة والاحترام بين الزوجين.

  • تعزز إمكانية حل الخلافات، فعندما تكون الحدود الزوجية واضحة، يصبح أسهل على الزوجين حل مشاكلهم بشكل سلمي، وعادل، وذلك لأن لكل من الزوجين فهمًا واضحًا لما هو مقبول، وغير مقبول في العلاقة.

  • تساعد على بناء علاقة صحية، حيث يشعر كل من الزوجين بالراحة والرضا في العلاقة إذا كانت لديهم حدود واضحة، وهذا يؤدي إلى علاقة صحية، ومتينة تستند على الاحترام المتبادل.

أنواع الحدود في حياة الزوجين

هناك عدة أنواع من الحدود في حياة الزوجين وهي تتمثل فيما يلي:

 

الحدود الشخصية

تتعلق هذه الحدود بالمساحة الشخصية لكل من الزوجين، مثل الوقت الذي يقضيه مع الآخرين، أو نوعية الملابس التي يفضل ارتدائها، أو الأماكن التي يذهب إليها.

والحدود الشخصية هي التي تحدد مقدار الوقت والمساحة التي يحتاجها كل من الزوجين، وهي مهمة للحفاظ على الخصوصية، والاستقلالية لكل من الزوجين.

كيفية وضع الحدود الشخصية

  • تحديد وقت خاص لكل من الزوجين لقضائه مع أصدقائه، أو عائلته.

  • احترام رغبة كل من الزوجين في ارتداء الملابس التي يشعر بها بالراحة.

  • الحصول على موافقة كل من الزوجين قبل اتخاذ قرار مهم مؤثر على حياتهما.

الحدود العاطفية

تتعلق هذه الحدود بالمشاعر والعواطف في العلاقة الزوجية، إذ يجب على الزوجين تعيين حدود واضحة بشأن كيفية التعامل مع المشاعر السلبية مثل الغضب والحزن، وكيفية التعبير عن المشاعر الإيجابية مثل الحب والتقدير، يمكن أن تشمل هذه الحدود الاتفاق على طرق التواصل الفعالة والتعامل مع الخلافات بشكل بناء.

كيفية وضع الحدود العاطفية

  • التعبير عن الغضب بصراحة ووضوح، دون إساءة أو إهانة الشريك.

  • الاعتراف بالحزن، أو الاكتئاب دون الشعور بالذنب، أو الضعف.

  • التعبير عن الحب والتقدير لشريكك دون أن تتوقع أي شيء مقابل ذلك.

  • احترام رغبة شريكك في قضاء بعض الوقت بمفرده دون أن يتعرض للشعور بالرفض، أو الهجوم.

  • عدم استخدام المشاعر كوسيلة للتحكم، أو الضغط على شريكك.

الحدود المالية

هي حدود مهمة للحفاظ على علاقة زوجية متوازنة، وصحية، فعندما يكون لكل من الزوجين حدود واضحة بشأن كيفية إدارة المال، يصبح لديهما شعور بالأمان، والراحة في التعبير عن أنفسهم دون خوف من التعرض للاستغلال، والتحكم.

كيفية وضع الحدود المالية

  • تحديد الميزانية المشتركة والالتزام بها.

  • مناقشة القرارات المالية الكبيرة معًا.

  • عدم إنفاق المال دون موافقة الطرف الآخر.

  • تحديد مقدار المال الذي سيتم تخصيصه لكل من الزوجين للإنفاق الشخصي.

  • التنازل، أو التفاوض بشأن بعض الحدود لتحقيق التوازن بين احتياجات كل من الزوجين.

  • تعيين حدود واضحة بشأن إدارة الديون واتخاذ قرارات بشأن الاقتراض في حال الحاجة إليه.

الحدود الجنسية

هي ببساطة الحدود التي تحدد السلوك الجنسي المقبول لكل من الزوجين، وهذه الحدود مهمة للحفاظ على الرضا الجنسي لكل من الزوجين.

كيفية وضع الحدود الجنسية

  • تحديد ما هو مقبول، وما هو غير مقبول في العلاقة الحميمة.

  • احترام رغبة كل من الزوجين في ممارسة الجنس، أو الامتناع عنه.

  • عدم ممارسة الجنس دون موافقة الطرف الآخر.

الحدود مع الأهل والبيئة المقربة

هي أيضًا من الحدود الهامة في العلاقات الزوجية وذلك لأنها تحافظ على الخصوصية، والاستقلالية لكل من الزوجين، و تجنبهم التعرض لتدخلات غير مرغوب بها من أشخاص آخرين في حياتهما.

كيفية وضع الحدود مع الأهل والأقارب

  • تحديد مقدار الوقت الذي يقضونه مع الأهل والأصدقاء، فمن المهم أن يضع الزوجان حدودًا بشأن مقدار الوقت الذي يقضونه مع الأهل والأصدقاء، بحيث يكون لديهم وقت كافٍ للتواصل مع بعضهم البعض.

  • احترام خصوصية الحياة الزوجية، حيث يجب أن يحترم الأهل والأصدقاء خصوصية الحياة الزوجية، وعدم التدخل في الشؤون الشخصية للزوجين.

  • عدم التدخل في القرارات الزوجية، إذ يجب على الأهل والأصدقاء أيضًا احترام القرارات الزوجية، وعدم محاولة التأثير عليها.

  • عدم مناقشة الشؤون الزوجية الخاصة مع الأهل أو الأصدقاء دون اتفاق مسبق.

  • القدرة على قول "لا" لطلبات الأهل، والأصدقاء التي تتجاوز حدود العلاقة الزوجية.

طريقة وضع الحدود في حياة الزوجين

الخطوة الأولى: تحديد ما هو مهم بالنسبة لك

تتمثل الخطوة الأولى لوضع الحدود في حياتك الزوجية هو تحديد ما هو مناسب لك، ففكر في الأشياء التي تشعرك بالراحة، أو عدم الراحة، والأشياء التي تريد، أو لا تريد السماح بها في علاقتك.

الخطوة الثانية: تحدث إلى شريكك

بمجرد أن تعرف ما هي مهم بالنسبة، تحدث إلى شريكك حوله، وكن صادقًا، وصريحًا بشأن احتياجاتك، ورغباتك.

الخطوة الثالثة: كن مستعدًا للتنازل والتفاوض

من المهم أن تكون مستعدًا للتنازل والتفاوض حول الحدود مع شريكك، فمن المتوقع ألا تتفقا دائمًا على كل شيء، ولكن من المهم العثور على حل يرضيكما.

الخطوة الرابعة: كن واضحًا وصريحًا بشأن حدودك

عندما تضع حدودًا، من المهم أن تكون واضحًا، وصريحًا بشأنها، فلا تخف من قول كلمة "لا" لشيء لا يناسبك.

الخطوة الخامسة: استعد للدفاع عن حدودك

إذا لم يلتزم شريكك في حدودك، فيتوجب عليك الدفاع عنها، وصارح شريكك عن سبب إصرارك على أن هذه الحدود مهمة بالنسبة لك.

بعض النصائح الإضافية لوضع الحدود في حياة الزوجين

  1. لا تحاول وضع الكثير من الحدود في وقتٍ واحدٍ، بل ابدأ بحدود صغيرة وبسيطة، ثم وسعّها بمرور الوقت.

  2. قد يستغرق الأمر بعض الوقت إلى أن يعتاد شريكك على حدودك الجديدة، لهذا كن صبورًا، وثابتًا، ولا تخف من تذكير شريكك بالحدود.

  3. إذا كنت تواجه صعوبة في وضع الحدود في علاقتك الزوجية فلا تتردد من طلب المساعدة من مستشار، أو معالج.

أسباب عدم وضع الحدود في حياة الزوجين

هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأزواج لا يضعون حدودًا في علاقاتهم، وهي تتمثل فيما يلي:

الخوف من فقدان الشريك

في بعض الأحيان يعتقد أحد الزوجين أن وضع الحدود يؤدي إلى فقدان الشريك، أو أن شريكه لن يحبه، أو لن يرغب فيه إذا وضع حدودًا.

الخوف من الرفض

قد يخشى أحد الزوجين أن يؤدي وضع الحدود إلى الرفض من قبل شريكه، أو أن شريكه لن يوافق على حدوده أو لن يحترمها.

عدم المعرفة بكيفية وضع الحدود

من المحتمل ألا يعرف أحد الزوجين كيفية وضع الحدود بشكل صحيح، أو أنه يعتقد أن وضع الحدود صعب، أو مؤلم، أو أنه لا يعرف كيفية الدفاع عنها.

الاعتقاد بأن الحدود ليست ضرورية

قد يعتقد أحد الزوجين أن الحدود ليست ضرورية في العلاقة، أو أن العلاقة الجيدة لا تحتاج إلى حدود، أو أن الحدود ستؤدي إلى صراع.

عواقب عدم وضع الحدود في حياة الزوجين

العديد من المشاكل ستحصل عندما لا يضع الزوجين حدودًا في حياتهم وهي تتمثل فيما يلي:

  • يؤدي عدم وجود الحدود في حياة الزوجين إلى الشعور بعدم الرضا في العلاقة، مما يؤدي إلى عدم شعور الزوجين بالراحة، أو الاحترام.

  • عدم وجود الحدود في العلاقة الزوجية يؤدي إلى الصراع الذي ينشأ عندما يتجادل الزوجين بالأمور الغير واضحة، مما يؤدي إلى الشعور بالغضب، أو الحزن.

  • قد يستغل أحد الزوجين الآخر، ولا يحترم احتياجاته، أو رغباته عندما لا تكون هناك حدود زوجية واضحة.

  • في الحالات الشديدة يؤدي غياب الحدود إلى انهيار العلاقة، وذلك لأن أحد الزوجين سيشعر بأنه غير قادر على تحمل العلاقة، وقد يقرر الانفصال، أو الطلاق.

ختامًا، الحدود مهمة في أي علاقة، بما في ذلك العلاقة الزوجية، فمن خلال وضع الحدود، يمكنك إنشاء علاقة صحية ومتوازنة تلبي احتياجاتك وتحميك.

Sabrine Therapy